قصص من وحي الخيال هذه القصة هي من نوع قصص من وحي الخيال مشوقة وبها رسالة هادفة، واحداث اجتماعية بحتة. حيث تتناول قضايا اجتماعيه نعيشها في حياتنا وهي قصص من وحي الخيال ليست واقعية
قصص من وحي الخيال قصة نهر الحياة الفصل الثاني
-وماذا أقول لها؟ هي في العقد الرابع من عمرها وتعرف كل شيء.
– من قال لك؟ إنها لا تعرف سوى المزاح والضحك!
كانت جدة سيسلي تبلع حبات مرض السكر التي كتبها لها الطبيب، بينما سيسلي تقوم بحياكة عباءة بيضاء مزينة بلون ذهبي. تأففَّت سيسىلي قبل أن تقول:
– ولكن هل هي تعرف أن الفتاة التي كانت تتحدث عنها بسوء هي شقيقتها؟
سعلت جدَّتها مادونا وهي تعيد ظرف أقراص الدواء داخل الصندوق وتبتلع ريقها :
– لو كانت تعرف ذلك ما كانت لتقول عنها شيء. أخشى ما أخشاه أن تنشُرَّ قِصَّة مرض شقيقتها بين الناس وهي لا تدري!
اقرأ المزيد عبر صفحات موقعنا: قصص من واقع الخيال
– هذا ما اخشاه يا جدتي. لذلك أرى أن نتحدث معها بهدوء ونخبرها بحقيقة أن الفتاة التي تضرب الناس عندما تنام هي أختها. إن علاج المشكلة في بدايتها أفضل من نهايتها!
– هذا أفضل ما سمعت اليوم يا ابنتي. لأنها لو عرفت ما تقوله اختها عنها وما تنشره بين الناس ، سوف تكرهها حتى لو ادركت أنها شقيتها. وصديقتك كما ترين لسانها لا يصمت، تظن أنها لا زالت في سن المراهقة.
توقفَّت سيسلي عن حياكة القماش لحظة ثم قالت وهي تنظر نحو جدَّتها:
– وما الحل إذن؟
شردَت جدتها مادونا بذهنها لحظة دون أن تجيب، وكأنها كانت تبحث عن حل، ولكن وجدت نفسها ليست قادرة على حل هذه المعضلة. حينها قالت:
– إنها صديقتك يا سيسلي !
وقتئذٍ واصلت سيسلي عملها في حياكة العباءة ، فقد كانت كلمات جدتها كافية ووافية. عرفت من خلالها أن الأصدقاء بينهم تضحيات واحلام مشتركة ، وعتاب ولوم، لا يمكن لأحد آخر أن يقوله. ولكنها مسؤلية كبيرة وقعت على عاتقها، قالت في يأس:
– أخاف أن أفقدها في حياتي. كما تعلمين إني أَحَبَّهَا جدًا رغم كل شيء.
ولكن لم تنطق جدتها ببنت شفَّة، بل ظلَّت صامتة تنظر نحو النافذة المغلقة، وتفرك بأصابعها طرف أُذنها تارة وتهش الذباب تارة أخرى. وقتئذٍ طُرِق باب الشِّقَّةَ وعندما فتحت سيسلي الباب أدركت أنها السيد نورا صديقة جدتها، هنا صاحت سيسلي :
– جدتي نورا، لا أصدق، متى عُدّتي من السَّفَرَ
كانت نورا في العقد الثامن من عمرها إلا أن مظهرها لا يبدي للناظر إليها بذلك. قالت وهي تعانق سيسلي:
– وصلت الطائرة في تمام السابعة صباحًا، وَكُنْتُ مشتاقة لصديقتي مادونا.
وضعت نورا الهدايا التي احضرتها لصديقتها على المنضدة ثم جلست على مقعد بجانبها بعد أن عانقتها ، قالت نورا:
– فاتك الكثير من المرح والسهر في شيكاغو!
أو أن تتابع قراءة : قصة من وحي الخيال
بابتسامة باهتة وصوت يظهر ما تعانيه مادونا من مرض الضغط والسكر، وهي تقول بصوتها المتعب :
– كيف تركتي سابين هل تعافت من داء النقرس؟
– مسكينة لا زالت تعاني. ولكن هي أفضل حالًا من آخر زيارة لها . فقد تحسنت بفضل الطبيب الجديد الذي سكن بالقرب من مسكنها.
– هذا رائع ، اتمنى أن تتعافى، إنه مرض مؤلم جدًا ومزعج.
خفضَّت نورا صوتها قليلًا ثم قالت :
– هل سيسلي تمّت خِطبتها فعلًا!
أومأت مادونا رأسها نفيًا. في الوقت الذي كانت فيه جدة سيسلي تحدث صديقتها نورا، كانت سيسلي حائرة، خائفة من مواجهة دانا بحقيقة الفتاة التي كانت تتحدث عنها في آخر لقاء بينهن، ولكن في الوقت نفسه هي تعرف حجم المعاناة التي مَرَّتْ بها كُلّن من الأخوات، إلا أن الحقيقة ستكون صادمة لصديقتها. كيف لها أن تتقبل وجود أُخت لها في البلدة وهي لا تعلم ذلك. بل حتى عائلتها لم تخبرها بذلك، حينها قررَّت سيسلي أن تذهب لكي تخبرها بكل شئ ، حتى لو كان ذلك قاسيًا إلا أنها سوف تشعر بالراحة بعد ذلك.
أخذّت سيسلي هاتفها ثم حددَّت موعدًا مع صديقتها دانا التي أخبرتها بأنها في مطعم صغير تتناول فيه وجبة السمك. غادرت سيسلي مسرعة نحوها ، ولكن هذه المرة الاولى التي تكون فيها بهذه الحالة. كانت بين أمرين وكلاهما صعب. خاصةً أنها تخشى أن تخسر صديقتها ، ولكنها ترى في ذلك خير من أن تكتشف دانا الأمر بنفسها وقتها ستكون نهاية العلاقة بينهن مؤكدة.
بينما كانت داتا تأكل السمك على طبق عامر بالخضروات والفواكه ، وزجاجة ماء معدنية بجانبها شعرَّت بيد تلامس كتفها. التفتتّ بِخفَّة لتجدها سيسلىي التي كانت في خلاف حالتها التي عهدتها دانا، فقالت دانا متسائلة:
– مُنْذُ الأمس وأنتِ لست بخير لا أعلم ما السبب. هل أنتِ بخير يا سيسلي؟
أخذت سيسلي مقعدًا وجلسّت جانبها إلا أنها كانت في شرود وتردد حيث تخوض حربًا شعواء مع نفسها. حرب أظهرَّت لها كل شئ في دواخلها حين بدا واضحًا جليًا على ملامح وجهها، قالت وهي تعبث بقطعة تفاح :
– قولي لي يا دانا هل يمكن أن يعيش الواحد منا دون أن يدري عائلته الحقيقية؟
– قالت دانا بصوتٍ بين المضغ والبلع:
– هل عُدَّتي لمشاهدة الأفلام الهندية مَرَّةٍ أخرى ؟
أكدَّت سيسلي سؤالها وكانت أَكْثَرَ جدية :
– أنا جَادَّةَ يا دانا أخبريني من فضلك!
– قرأت قبل سنوات عن فتاة عاشَّت في إحدى القُرَّى وكانت لا تعرف عائلتها حتى تزوجت وبلغت العقد الرابع من عمرها، ولكن بعد أن عرفت أهلها لم تعترف بهم!
عدلت سيسلي جلستها بعد أن أحست بأن دانا كانت جادة في حديثها ، وقالت:
– ولماذا لم تعترف بهم ؟
طلبت دانا من النادل أن يحضر عصيرًا لصديقتها سيسلي وهي تقول :
– لأنها ترى أن معرفتهم لا تجدي نفعًا، لأنها إجتازت المرحلة التي تتطلب وجودهم في حياتها!
– ولكن لا أعتقد أن حاجتنا للعائلة له عمر محددَّ !
– هي ترى ذلك حسب فلسفتها في الحياة، وأنا أوافق هذا الاتجاه من الفكر، لأننا حقيقة حين نجد عائلتنا في عمر متأخر يكون الحِمل الذي نتحمله تجاههم أكَبَرٍّ من الحِمل الذي نعيشه في حياتنا. ثم أن كل منا في يوم من الْأيَّام سوف يفارق الحياة، ولما العناء إذن ؟
قالتها دانا وهي تضحك ساخرة، ولكن لم تبادلها سيسىلي المشاعر نفسها، حين قالت :
– لم أرى فيك هذه النظرة السوداوية للحياة يا دانا، كما أَنَّنِي مندهشة بالجدية التي طرأت عليك فجأة!
– دعينا من هذا، أنتِ على علم بأنني أعيش وحيدة مُنْذُ أن جئت إلى هذه الدنيا، لذلك أيُّ سؤال في هذا الأمر يمكن أن يؤثر على يومي كُلَّه. رجاذ أغلقي هذا الحوار.
وماذا لو قلت لكي بأنني وجدت عائلتك؟
رغم قوة المواجهة ولكن لم تبدي دانا أي ردة قعل تذكر، بل ظلت جامدة المشاعر وتواصل في نهش الطبق الذي تأكل منه. ترى ماذا سيحدث في الفصل القادم. لا تذهبوا بعيدا ، سوف نرى ما سوف يحدث في قصة نهر الحياة. وسوف نواصل سرد احداث قصص من وحي الخيال